رعيّة رشدبّين

أحد آية شفاء الأبرص

يومًا ما ستنطفئُ شمعتي، يومًا ما سأبقى ترابًا في هذا العالمِ الفاني، يومًا ما لنْ تعود تراني العيون.
في هذا اليومِ أُريدُ أن أكونَ معكَ يا يسوع، أن أرى النفوسَ بعينيكَ. أسألُ نفسي واليأسُ يَغمرُ كياني، هل أنا مُستعد؟ هل روحي لابسة حلّةَ العرسِ استعدادًا لاستقبال العريس؟ هل قلبي نظيفٌ مجهّز لوليمة عرس الإله المحب؟
ها إني اليوم أبرص مستلقي بين أشواك الألم والعذاب، تمامًا كالأبرص الذي أكلته الأوجاع والمرض. ها إن روحي يتيمة وحيدة لا ملجئ لها ولا معين، منبوذة كما نُبذ الأبرص عن مجتمعه الذي حمل راية الإيمان ملوحًا بها عاليًا محاولةً لتخبئة الظلم والكراهية الساكنين في قلبه.
ها إن يديّ ممدوتتين أطلب المعونة والرأفة، إذ قلبي أكله عفن السكون.
ها إني أشبه نفسي بالأبرص الذي غمرته بعطف حنانك ورحمتك. ذلك الأبرص الذي كرهه العالم أجمع وأحببته أنت حبًّا يفوق كل حب. تعاليت عن قذاذة غمرته، لم تهمك وزر الخطايا الذي أحمله إياه مدّعي الإيمان بل غصت إلى عمق قلبه ومليته حبًّا لا متناهي. أشبه نفسي اليوم بذلك الأبرص وأنا أبعد عنه كل البعد.
هو عرفك بقلبه وعقله وكامل كيانه، أما أنا فأعرفك بأذنيّ وعينيّ اللتين لا ترفان إلا القشور.
هو غاص بسرّك وعرف عظمة حبك وفهم تدبيرك، أما أنا فأغوص في تراب هذا العالم، في مستنقع الخطايا والشعوات والنزوات
هو عرف أنّك الطريق والحق والحياة، أما أنا فأسلك طريق ابن ضال عيناي لا تبصر النور إلا في ظلمة الخطايا
هو دنا منك وسلّم نفسه والثقة تغمر حديثه كمن رأى الحقيقة التامة والمطلقة، أما أنا فأنظر إليك تطرق بابي و مع كل دقة أرجع خطوة إلى الوراء محاولةً الهروب من الخلاص
هو صام عن الشر والبغض والضغينة، صام عن الأرض ووقع في حب السماء، أما أنا فجسدي صائم أما روحي فعطشى لسعادة باتت غريبة عنها.
هو غلب بإيمانه شكوك أسرت قلبه وجسده، وآمن أنك الوحيد شافي القلوب وغافر الخطايا وكامل الرحمة، أما أنا فما زلت أسيرة تلك الشكوك، مكبلة بأصفاد ركيكة

أبانا الذي في السماوات، نسألك اليوم أن تدخلْنا في سرِّ صحراء مسيحِكَ، واجعل من صومنا مَسيرةَ حب ورحمة. وحيثُ تتراجعُ أناشيدَ الفرح والمجدِ، فلتصدحْ نفوسُنا بأعمالِ البرِّ والصَلاحْ. ولترافقْ أجسادُنا وحيدكَ في مراحِل آلامهِ. وطِّد إيماننا فيك فنشفى من أوجاع أكلت كياننا كما شُفي الأبرص بحبك، آمين


جاكي جوزيف ضوميط