الجمعة العظيمة
يا هذا! يا أنت! أيها المعلّق على شجرة! أأنت المسيح أم يهوذا؟
كم أكره الحزن الذي رسمناه على وجهك لأنه طبع البشرية بصورة الألم حتى صرنا نستسيغ طعم دمنا، ونلعق جراحنا كالكلاب المريضة، ونفتّش عن المرض كما تفتّش الهررة القذرة عن طعامها في صناديق القمامة، ونقول: لا بأس، مع آلامك يا يسوع! صرنا نبحث عن الحزن والعذاب، عن الضرب والجلد والكآبة ونهرب من الفرح والسعادة..
جعلناك بائسًا مسكين!
نرتكب الآثام باسمك، وأنت تحني رأسك محبة
يبكي الناس مرّة في السنة عند استرجاع ذكرى آلامك، وأنت صامت تتفرج كما يتفرجون.
يرتفع رأسك المكلّل بالشوك الثمين فينظر إليه الناس ويحللون العمل الفني فيه، والمواد المصنوع منها، ويحاولون أن يحددوا عمرًا لديمومتك في ساحة بلدتهم
ألن تهرب الليلة من على الشجرة التي علقوك عليها كأنك يهوذا؟
كم أكره الحزن الذي جعلوه علامتك المميزة!
يليق بك حب، تليق بك السعادة، يليق بك الفرح!
كم أكره الحزن على وجهك لأنه يذكرني بحزن البشرية كلها، بتعب العالم كله، بيأس الناس في كل مكان، بالأشجار التي كانت خضراء وصارت صلبانًا.
إنزل عن الشجرة يا رجل واحملها وامسك يدي لنجعلها حطبًا في موقد جبلي، ولنسهر معا فتخبرني حكايات تمحو الحزن عن وجهي لأني عندما أسمعك سأبكي فرحًا، سأبكي كثيرًا، وعندما أبكي سأرتاح، وأغفو على صدرك وأنا مبتسمة
أكره الحزن الذي ألصقوه بوجهك يا صديقي المسكين، والسير إلى الموت كأن لا خيار آخر أمامك، والخضوع للضرب والإهانة، والضعف الذي ألبسوك إياه إنزل عن الشجرة العارية يا صديقي العاري، وارم أشواك تاجك تحت تراب أرض المحتفلين بحزنك، وامض معي إلى حيث لا يجدنا أحد، لعلنا بعيدا عنهم نبتسم قليلاً.
فأي رجال تاريخ كنت يا هذا العظيم؟
انك لم تخط سطرًا في كتاب، و لم تنظم قصيدة، و لم تضع بندًا في أحكام دستور، ولم تكن جيشًا، و لم تحمل سيفًا، ولم تضع أساس امبراطورية عالمية، بل متّ مصلوبًا ! لكن سلطان نفوذك و مقدرة عظمتك تخطت نفوذ أقدر الكتاب وأكبر الفلاسفة.. لقد تربع اسمك على صفحات التاريخ، ورن في أرجاء المسكونة كما ترن الموسيقى من ألف جوقة في نشيد واحد، وعطر أجواء القارات بأسرها كنفح الطيب الذي حمله النسيم من جنة الخلود. وحمل راية المساواة بين القصر وسوق الأرقاء سواء بسواء. أجل، إن اسمك يا يسوع إنطبع غرة في جبين الزمن، فيا لك من فريد يا يسوع !
فلماذا تتحدث البشرية عن آلام المسيح، فأقرأ بين سطور عيونها معجم الحزن، وكأن عيناها تنوه عليه وتصبح على حافة ذرف الدموع على عذاباته…
لما العواصف الإنسانيّة ترى يسوع الناصري مولودًا كالفقراء عائشًا كالمساكين مهانًا كالضعفاء
مصلوبًا كالمجرمين
فتبكيه وترثيه وتندبه
منذ تسعة عشر جيلا والبشر يعبدون الضعف بشخص يسوع. يسوع كان قويًّا ولكننا لا نفهم معنى القوة الحقيقية
ما عاش يسوع مسكينًا خائفًا ولم يمت شاكيًا متوجعًا
بل عاش ثائرًا وصلب متمردًا ومات جبارًا
لم يكن يسوع طائرًا مكسور الجناحين
بل كان عاصفة هوجاء تكسر بهبوبها جميع الأجنحة المعوجة
لم يجيء يسوع من وراء الشفق الأزرق ليجعل الألم رمزًا للحياة
بل جاء ليجعل الحياة رمزًا للحق والحرية
لم يهبط يسوع من دائرة النور الأعلى ليهدم المنازل ويبني من حجارتها الاديرة والصوامع، ويستهوي الرجال الأشداء ليقودهم قساوسة ورهبانًا
لم يجيء يسوع ليعلم الناس بناء الكنائس الشاهقة والمعابد الضخمة في جوار الأكواخ الحقيرة والمنازل الباردة المظلمة، بل جاء ليجعل قلب الانسان هيكلاً ونفسه مذبحًا وعقله كاهنًا
لم يصلب يسوع لنرى بصلبه الحزن والرثاء
صلب ليعطي لسعادتنا حياة، لحياتنا معنى، لقلبنا حب، لروحنا خلاص
هذا ما صنعه يسوع الناصري ولو عقل البشر لوقفوا اليوم فرحين متهللين منشدين أهازيج الغلبة والانتصار
إن إكليل الشوك على رأسك هو أجل وأجمل من تاج بهرام، والمسمار في كفك أسمى وأفخم من صولجان المشتري، وقطرات الدماء على قدميك أسنى لمعانًا من قلائد عشتروت
فساعدنا يا سيد نحن أبناءك الذين ننوح عليك، هبنا أن نرى في صلبك الحب، لنرى فيه الإنتصار على الموت ولا الهزيمة، ولنزرف دموع الفرح لأن أرواحنا شفت بدواء محبتك اللامتناهي
فموتك فخر لنا، لأن موتك هو حياة لنا!
جاكي جوزيف ضوميط
كم أكره الحزن الذي رسمناه على وجهك لأنه طبع البشرية بصورة الألم حتى صرنا نستسيغ طعم دمنا، ونلعق جراحنا كالكلاب المريضة، ونفتّش عن المرض كما تفتّش الهررة القذرة عن طعامها في صناديق القمامة، ونقول: لا بأس، مع آلامك يا يسوع! صرنا نبحث عن الحزن والعذاب، عن الضرب والجلد والكآبة ونهرب من الفرح والسعادة..
جعلناك بائسًا مسكين!
نرتكب الآثام باسمك، وأنت تحني رأسك محبة
يبكي الناس مرّة في السنة عند استرجاع ذكرى آلامك، وأنت صامت تتفرج كما يتفرجون.
يرتفع رأسك المكلّل بالشوك الثمين فينظر إليه الناس ويحللون العمل الفني فيه، والمواد المصنوع منها، ويحاولون أن يحددوا عمرًا لديمومتك في ساحة بلدتهم
ألن تهرب الليلة من على الشجرة التي علقوك عليها كأنك يهوذا؟
كم أكره الحزن الذي جعلوه علامتك المميزة!
يليق بك حب، تليق بك السعادة، يليق بك الفرح!
كم أكره الحزن على وجهك لأنه يذكرني بحزن البشرية كلها، بتعب العالم كله، بيأس الناس في كل مكان، بالأشجار التي كانت خضراء وصارت صلبانًا.
إنزل عن الشجرة يا رجل واحملها وامسك يدي لنجعلها حطبًا في موقد جبلي، ولنسهر معا فتخبرني حكايات تمحو الحزن عن وجهي لأني عندما أسمعك سأبكي فرحًا، سأبكي كثيرًا، وعندما أبكي سأرتاح، وأغفو على صدرك وأنا مبتسمة
أكره الحزن الذي ألصقوه بوجهك يا صديقي المسكين، والسير إلى الموت كأن لا خيار آخر أمامك، والخضوع للضرب والإهانة، والضعف الذي ألبسوك إياه إنزل عن الشجرة العارية يا صديقي العاري، وارم أشواك تاجك تحت تراب أرض المحتفلين بحزنك، وامض معي إلى حيث لا يجدنا أحد، لعلنا بعيدا عنهم نبتسم قليلاً.
فأي رجال تاريخ كنت يا هذا العظيم؟
انك لم تخط سطرًا في كتاب، و لم تنظم قصيدة، و لم تضع بندًا في أحكام دستور، ولم تكن جيشًا، و لم تحمل سيفًا، ولم تضع أساس امبراطورية عالمية، بل متّ مصلوبًا ! لكن سلطان نفوذك و مقدرة عظمتك تخطت نفوذ أقدر الكتاب وأكبر الفلاسفة.. لقد تربع اسمك على صفحات التاريخ، ورن في أرجاء المسكونة كما ترن الموسيقى من ألف جوقة في نشيد واحد، وعطر أجواء القارات بأسرها كنفح الطيب الذي حمله النسيم من جنة الخلود. وحمل راية المساواة بين القصر وسوق الأرقاء سواء بسواء. أجل، إن اسمك يا يسوع إنطبع غرة في جبين الزمن، فيا لك من فريد يا يسوع !
فلماذا تتحدث البشرية عن آلام المسيح، فأقرأ بين سطور عيونها معجم الحزن، وكأن عيناها تنوه عليه وتصبح على حافة ذرف الدموع على عذاباته…
لما العواصف الإنسانيّة ترى يسوع الناصري مولودًا كالفقراء عائشًا كالمساكين مهانًا كالضعفاء
مصلوبًا كالمجرمين
فتبكيه وترثيه وتندبه
منذ تسعة عشر جيلا والبشر يعبدون الضعف بشخص يسوع. يسوع كان قويًّا ولكننا لا نفهم معنى القوة الحقيقية
ما عاش يسوع مسكينًا خائفًا ولم يمت شاكيًا متوجعًا
بل عاش ثائرًا وصلب متمردًا ومات جبارًا
لم يكن يسوع طائرًا مكسور الجناحين
بل كان عاصفة هوجاء تكسر بهبوبها جميع الأجنحة المعوجة
لم يجيء يسوع من وراء الشفق الأزرق ليجعل الألم رمزًا للحياة
بل جاء ليجعل الحياة رمزًا للحق والحرية
لم يهبط يسوع من دائرة النور الأعلى ليهدم المنازل ويبني من حجارتها الاديرة والصوامع، ويستهوي الرجال الأشداء ليقودهم قساوسة ورهبانًا
لم يجيء يسوع ليعلم الناس بناء الكنائس الشاهقة والمعابد الضخمة في جوار الأكواخ الحقيرة والمنازل الباردة المظلمة، بل جاء ليجعل قلب الانسان هيكلاً ونفسه مذبحًا وعقله كاهنًا
لم يصلب يسوع لنرى بصلبه الحزن والرثاء
صلب ليعطي لسعادتنا حياة، لحياتنا معنى، لقلبنا حب، لروحنا خلاص
هذا ما صنعه يسوع الناصري ولو عقل البشر لوقفوا اليوم فرحين متهللين منشدين أهازيج الغلبة والانتصار
إن إكليل الشوك على رأسك هو أجل وأجمل من تاج بهرام، والمسمار في كفك أسمى وأفخم من صولجان المشتري، وقطرات الدماء على قدميك أسنى لمعانًا من قلائد عشتروت
فساعدنا يا سيد نحن أبناءك الذين ننوح عليك، هبنا أن نرى في صلبك الحب، لنرى فيه الإنتصار على الموت ولا الهزيمة، ولنزرف دموع الفرح لأن أرواحنا شفت بدواء محبتك اللامتناهي
فموتك فخر لنا، لأن موتك هو حياة لنا!
جاكي جوزيف ضوميط