رعيّة رشدبّين

تأمل في إنجيل أحد آية شفاء المخلع 2018

أحد آية شفاء المخلع
ها إنّي اليوم أنا “الآدمي”، أستغل حب الخالق، أتاجر بحرّيتي الممنوحة لي في “السوق السوداء” التي سلبتني إياها، ورمتني مخلَّعًا في فقر النفس الأنانية، والغيرة من الله، فسقطت في تعظيم ذاتي: كيف لا أكون مثل الله، ذو سلطان، وآمرًا ناهيًا؟ ها إنّي اليوم ينغلق وجودي بأسري على سرير لا أغادره، وعلى صدقة أطلبها، متعلّقًا كليًّا بحسنة الآخرين يرفعونني وينقلونني. متألم أنا من سبب إعاقة روحي، مطروح دون حراك، أصرخ من ثقل خطاياي ودموعي حفرت دربها على وجهي..
ها أنا اليوم ضائع في ضجيج هذا العالم تائه بين أهوائي غارق في مستنقع شهواتي..
هل من أحد ينتشلني؟
هل من يد تحمل بإحدى أطراف سريري أنا الذي لم ألتقِ بعدُ بيسوع وما زالت مخلّعًا في قلّة حبّي وحقدي وضعفي وفقداني لسلامي الدّاخليّ… هل من يد تضعني بحبّ وإيمان بين أحضان الحبيب لأُشفى؟
أمرٌ صعب ومُرّ، لكني زاحف باحث عن فتات رحمة عند أخي الإنسان، فالحبّ والمسامحة هما دوائي الشافي.
هل من يد تزيل القشّ والعيدان والتراب لعمل فتحة في سطح البيت الّذي يسكنه يسوع كي تدلّي منه سريري؟
هل من أحد ينقلني إلى سطح المنزل حيث يجب “البَحشُ” بالأصابع وبأيدٍ شديدة وإرادة صلبة: عملٌ شاقّ لكنّ ثمرته ليست سوى الحبّ لروحي الّتي، ربّما، لا تُشفى إلاّ إن رأت فعل حبّكم له يحمل تخلّعي في سريري أمام إله الغفران والمسامحة والحبّ.
حبّكم لي هو ما سيدبّر اللقاء مع يسوع، لقاء سيكون له الوقع الكبير فيحصل شفاء الرّوح بغفرانه خطاياي، وشفاء الجسد منه لأعود معافىً على الصعيدين.
أنتم يا إخوتي قادرون بحبكم أن تنتشلونني من ألم الخطيئة الذي يقتل روحي ويرميني في زقاق الموت
أنتم يا أعضاء جسد المسيح دواء شلل روحي
حبّكم لي يهدم جدار الحقد المغروز في تربة قلبي الجافة
فالحب سلاح عجزت قوّات العالم على التّغلب عليه
عرّفوني على كلمة الله الحيّة، على إنجبل الرب الذي رُسمَت في طيّات صفحاته وجه الحبيب الحنون الغفور، وجه ابن الله الحق وعندها ألتقي الله الذي لم ولن يحنث بوعده، ولم يتنقل، حسب الظروف، بين ال “نعم” وال “لا” في مسيرة خلاصه للإنسان. هو دائمًا إله العطاء والحب المقدس اللامشروط. إنه إله ال”نعم” للحياة، دون منازع، وإله ال”نعم” للرحمة والغفران، لعطية الأبوة، فيجعل منا أبناء له بسكنى روحه في قلوبنا. هو الآب الذي يأبى إلا أن توضع خمرة توبتنا الجديدة في زقاق جديد فلا تراق هباء، بل تولِد عالمًا جديدًا، ينبت ثمار فرح وسلام، صحيحة، طيبة وفيرة.
عندها أتكلم مع يسوع بصمت النظرات الصارخة: إرحمني يا أبي من “شماتة الناس”، واشفني من خطيئتي، فتزول اللعنة عن جسدي وأستريح!
عندها، سترون تفاهم وتناغم إسراري بيني وبين المخلص. فيسوع، ذاك الوجه الجميل والشخص الحنون سيغوص في أعماق ألمي ويرى عذاب روحي من سخرية المجتمع والتشفي بي لأجل اعتقاداتهم “المقصلية”، فيناديني بكل عذوبة “يا بني!”، يعتقني من مؤبد قساوة قومي وإهانتهم لي.
عندها سأنتبه إلى حنو الآب نحوي. سأتحسس بالإيمان في أعماقي. سألاحظ أنه بتلك العبارة قد رمم علاقتي البنوية به، مزيلا عن كاهلي عبء الخطيئة، موضحًا لي السياق الذي أدى إلى تلك المصالحة “مغفورة لك خطاياك”
عندها سأحمل إيماني الثابت بأن شفائي قد تم بحبّكم أنتم إخوتي بالمسيح
وعندها، منذ اللحظه الأولى لالتقاء نظراتنا، سأنقل شكري، من القلب إلى القلب، من ابن إلى ابيه، لأنّه وضع في طريقي حبّكم الكبير لي
و بدمعة حب أخرس وبسمة أمضي من أي كلام تمحوه الريح بعد حين، أُبحِر في بحر المحبة في عيونكم، أرتشف منه قطرة، وأمضي…
جاكي جوزيف ضوميط